الأحد، 27 نوفمبر 2011

فضائل الصحابه ومراتبهم


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مر شيء من ذلك في فقرة ماضية - في الموضوع الأول - ، وفيما يلي مزيد بيان لذلك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض كلام له عن اعتقاد أهل السنة : " ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ، ويفضلون مَن أنفق من قبل الفتح – وهو صلح الحديبية – وقاتل على مَن أنفق من بعد وقاتل .
ويفضلون المهاجرين على الأنصار ، ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر – وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر - : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " [ رواه البخاري (3007) ، ومسلم (2494) ] .
وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة " (1) .

وهذا النص الجامع من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يتضمن عدداَ من المسائل :
الأولى : قوله : " ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم " .
قوله : " ويقبلون " : أي أهل السنة .
و " الفضائل " : جمع فضيلة ، وهي ما يفضل به المرء غيره ، ويُعَدُّ منقبةً له .
و " المراتب " : الدرجات ؛ لأن الصحابة درجات ومراتب .

الثانية : قوله : " ويُفضلون مَن أنفق من قبل الفتح – وهو صلح الحديبية – وقاتل على مَن أنفق بعد وقاتل " .
" الحديبية " : بئر قرب مكة ، وقعت عنده البيعة تحت شجرة هناك حينما صد المشركون رسول الله صلى الل عليه وسلم وأصحابه عن دخول مكة ، فبايعوه على الموت ، وسميت هذه البيعة فتحاً ؛ لما حصل بسببها من الخير والنصر للمسلمين .
والدليل على تفضيل هؤلاء قوله تعالى : { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } [ الحديد : 10 ] .

الثالثة : قوله : " ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر – وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر - : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " " .
يشير بذلك إلى مرتبة أهل بدر ، وأنها من أعلى مراتب الصحبة .

وبدر هو المكان المعروف الذي كانت في الغزوة المشهورة ، وكانت في السنة الثانية من الهجرة في رمضان ، وسمى الله تعالى يومها : يوم الفرقان .

فأهل بدر هم الذين جعل الله على أيديهم هذا النصر المبين ، والفرقان الذي هاب العرب به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وكان لهم منزلة عظيمة بعد هذا النصر فإن الله عز وجل اطلع عليهم وقال : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " .
وقد اختلف العلماء بالمراد بالمغفرة في هذا الحديث ، ومن أحسن مَن تكلم في توجيه ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله قال : " قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : " وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفر لكم " .
أشكل على كثير من الناس معناه ؛ فإن ظاهره إباحة كل الأعمال لهم ، وتخييرهم فيما شاؤوا منها ، وذلك ممتنع .
فقالت طائفة ، منهم ابن الجوزي : ليس المراد من قوله " اعملوا " الاستقبال ، وإنما هو للماضي ، وتقديره : أيُّ عملٍ كان لكم فقد غفرته .
قال : ويدل على ذلك شيئان :
أحدهما : أنه لو كان للمستقبل كان جوابه قوله : " فسأغفر لكم " .
والثاني : أنه كان يكون إطلاقاً في الذنوب ولا وجه لذلك .

وحقيقة هذا الجواب : أني قد غفرت لكم بهذه الغزوة ما سلف من ذنوبكم .
لكنه ضعيف من وجهين :
أحدهما : أن لفظ : " اعملوا " يأباه ؛ فإنه للاستقبال دون الماضي ، وقوله : " قد غفرت لكم " لا يوجب أن يكون : " اعملوا " مثله ؛ فإنه قوله : " قد غفرت " تحقيق لوقوع المغفرة في المستقبل كقوله : { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ } [ النحل : 1 ] ، { وَجَاءَ رَبُّكَ } [ الفجر : 22 ] ، ونظائره .
الثاني : أن الحديث نفسه يردّه ؛ فإن سببه قصة حاطب – رضي الله عنه - ، وتجسُّسه على النبي صلى الله عليه وسلم وذلك ذنب واقع بعد غزوة بدر لا قبلها ، وهو سبب الحديث ؛ فهو مراد منه قطعاً .
فالذي نظن في ذلك – والله أعلم – أن هذا الخطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم عل يفارقون دينهم ، بل يموتون على الإسلام ، وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارف غيرهم من الذنوب ، ولكن لا يتركهم الله سبحانه مصرِّين عليها ، بل يوفقهم لتوبة نصوح ، واستغفاره ، وحسنات تمحو أثر ذلك .
ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم ؛ لأنه قد تحقق ذلك فيهم ، وأنهم مغفور لهم ، ولا يمنع ذلك كون المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم ، كما لا يقتضي ذلك أن يعطلوا الفرائض وثوقاً بالمغفرة ؛ فلو كانت قد حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاة ، ولا صيام ، ولا حج ، ولا زكاة ، ولا جهاد ، وهذا محال .
ومن أوجب الواجبات التوبة بعد الذنب ؛ فضمان المغفرة لا يوجب تعطيل أسباب المغفرة ، ونظير هذا قوله في الحديث الآخر : " أذنب عبدٌ ذنباً فقال : أي رب ، أذنبت ذنباً فاغفره لي ، فغفر له ، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ، ثم أذنب ذنباً آخر فقال : أي رب أصبت ذنباً فاغفره لي ، فغفر له ، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم أذن ذنباً آخر فقال : رب أصبت ذنباً فاغفره لي ، فقال الله : علمَ عبدي أنّ له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء " [ رواه البخاري (7505) ، ومسلم (2758) ] .

فليس في هذا إطلاق وإذن منه سبحانه له في المحرمات والجرائم ، وإنما يدل على أنه يغفر له ما دام كذلك إذا أذنب تاب .
واختصاص هذا العبد بهذا ؛ لأنه قد عليم أنه لا يصرُّ على ذنب ، وأنه كلما أذنب تاب حكمٌ يعم كل مَن كانت حاله حاله ، لكن ذلك العبد مقطوع له بذلك كما قطع به لأهل بدر .
وكذلك كلُّ مَن بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ، أو أخبره بأنه مغفور له لم يَفهم منه هو ولا غيره من الصحابة إطلاق الذنوب والمعاصي له ، ومسامحته بترك الواجبات ، بل كان هؤلاء أشد اجتهاداً وحذراً وخوفاً بعد البشارة منهم قبلها ، كالعشرة المشهور لهم بالجنة .

وقد كان الصديِّق شديد الحذر والمخافة ، وكذلك عمر ؛ فإنهم علموا أن البشارة المطلقة مقيَّدة بشروطها والاستمرار عليها إلى الموت ، ومقيَّدة بانتفاء موانعها ، ولم يَفهم أحدٌ منهم من ذلك الإطلاق الإذن فيما شاؤوا من الأعمال " (2) .
الرابعة : قوله : " بأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة " .

هذا الكلام في شأن أصحاب الشجرة ، وهم أهل بيعة الرضوان ، وهي البيعة التي حصلت في الحديبية – كما سبق الحديث عنه قريباً – وقد ذكر لهم شيخ الإسلام ابن تيمية مزيتين :
إحداهما : أن لا يدخل النار أحد منهم ، وذليل ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله يقول : " أخبرتني أم بشر أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة : " لا يدخل النار – إن شاء الله – من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها " [ مسلم (2496) ] .
الأخرى : أن الله قد رضي عنهم ، وهذا صريح القرآن كما في قوله تعالى : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } [ الفتح : 18 ] .
وممَن لهم سابقة وفضل ومزية أهل أحد ، ومما جاء في ذلك ما أورده الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه حيث عقد باباً في كتاب المغازي قال فيه : باب : " الذين استجابوا لله والرسول " .
حدثنا محمد ، حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران : 172 ] .
قالت لعروة : يا ابن أختي كان أبواك منهم : الزبير وأبو بكر ، لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا ، قال : " مَن يذهب في إثرهم " .
فانتَدَب منهم سبعون رجلاً قال : كان فيهم أبو بكر والزبير " (3) .


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يقوم البحث في تاريخ الصحابة ، وما جرى بينهم من الفتن بعد استشهاد عثمان رضي الله عنهم وما حصل بين علي ومعاوية رضي الله عنهما على عدة أسس ، تتلخص فيما يلي :

1- أن نعتقد أن الصحابة خير القرون ؛ لأن الله عز وجل زكاهم ، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم .

2- أن الكلام فيما شجر بينهم ليس هو الأصل ، بل الأصل الاعتقادي عند أهل السنة والجماعة هو الكف والإمساك عما شجر بينهم ؛ ليسلم المرء من الوقيعة فيهم أو انتقاصهم .

3- إذا دعت الحاجة إلى ذكر ما شجر بينهم ، فلا بد من التحقق والتثبت في الروايات المذكورة حول الفتن التي وقعت بين الصحابة ؛ ذلك أن هذه الروايات دخلها الكذب والتحريف ؛ فوجب التحقق والتثبت .

4- إذا صحت الرواية في ميزان الجرح والتعديل في شأن الصحابة ، وكان في ظاهرها القدح فيهم ، فَليُحمَل ذلك على أحسن المحامل ، وليُلتَمَس لهم أحسن المخارج والمعاذير .

5- أن ما ثبت في ميزان النقد العلمي فيما شجر بين الصحابة ، هم فيه مجتهدون ؛ ذلك أن القضايا كانت مشتبهة ، فلشدة اشتباهها تباينت اجتهاداتهم على ثلاثة أقسام :
أ. قسم ظهر له بالاجتهاد أن الحق مع هذا الطرف ، وأن مخالِفه باغٍ ؛ فوجب على مَن ظهر له ذلك نصرة المحق ؛ بناءً على ما ترجح عنده .
ب. قسم عكس هؤلاء ؛ حيث ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق مع الطرف الآخر ؛ فوجب عليه نصرته ، وقتال الباغلي عليه .
ج. قسم اشتبهت عليه القضية ، ولم يتبين له وجه الصواب ؛ فاعتزل الفريقين ، وهذا هو الواجب في حقه ؛ لأنه لا يحل الإقدام على قتل المسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك .
فتلخص من ذلك كله أنهم ما بين مجتهدٍ مصيب فله أجران ، ومجتهدٍ مخطئ فله أجر ، وثالثٍ اشتبه عليه الحق ؛ فآثر الاعتزال .

6- أن الصحابة – مع اجتهادهم فيها وتأولهم – قد حزنوا حزناً شديداً ، وندموا لما آل إليه الأمر ؛ إذ لم يخطر ببالهم أنه سيصل إلى ما وصل إليه .

7- أن الصحابة خير الناس حتى في حال القتال ، والفتنة ، والاختلاف ، فبرغم ما حصل بينهم إلا أنهم لم يكفِّروا بعضاً ، بل كان بعضهم يترحم على بعض ، ويأخذ العلم من بعض ، بل كانوا يثنون على بعض ، ويلتمسون المعاذير لبعض .

8- منهج أهل السنة والجماعة في باب الصحابة – وهو الحق – أنهم لا يعتقدون أن كل واحدٍ من الصحابة معصوم من كبائر الذنوب وصغائرها ، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة ، ولكن لهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم .

وما يُنكَر على بعضهم فهو جزء يسير ينغمر في بحر حسناتهم .
هذا في الذنوب المحققة ، فكيف بالأمور الاجتهادية التي إن أصابوا فيها فلهم أجران ، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد ؟

هذه نبذة يسيرة حول أسس البحث في تاريخ الصحابة (4) .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

(1) العقيدة الواسطية : ص 171 .

(2) الفوائد : ص 34 – 36 .

(3) البخاري : (4077) .

(4) انظر آخر الوسطية ، لابن تيمية . وعقيدة أهل السنة في الصحابة ، ص 17 – 94 .





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الصحابي هو مَن لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ، ومات على الإسلام .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي مَن لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ه، ومات على الإسلام ؛ فيدخل فيمَن لقيه مَن طالت مجالسته له ، أو قصُرت ، ومَن روى عنه أو لم يروِ ، ومَن غزا معه ، أو لم يغزُ ، ومَن رآه رؤية ولو لم يجالسه ، ومَن لم يره لعارض كالعمى " (1) .

إلى أن قال : " وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين كالبخاري ، وشيخه أحمد بن حنبل ، ومَن تبعهما ، ووراء ذلك أقوال أخرى شاذة " (2) .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل جيل ، وأكرم رعيل ، وصفوة الخلق بعد الأنبياء عليهم السلام .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ومَن استقرأ أحوال العالم في جميع الفرق تبين له أنه لم يكن قط طائفة أعظم اتفاقاً على الهدى ، وأبعد عن الفتنة والتفرق والاختلاف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم خير الخلق بشهادة الله بذلك ؛ إذ يقول تعالى : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } [ آل عمران : 110 ] (3) .

ولقد شهدت نصوص القرآن بعدالتهم وفضلهم ، وتوارت السنة بالثناء عليهم ، كما شهدت لكثير منهم على وجه التخصيص بالعدالة ، والفضل .

كما تكاثرت وتظاهرت النصوص عن السلف الصالح في بيان ذلك كله .

قال الله عز وجل : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } [ الفتح : 29 ] .

وقال تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [ التوبة : 100 ] .

وقال سبحانه وتعالى : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } [ الفتح : 18 ] .

وقال : { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [ الحديد : 10 ] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " [ رواه البخاري (3651) ، ومسلم (1533) ] .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا أصحابي ؛ فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه " [ رواه البخاري (3470) ، ومسلم (2540) ] .

قال البيضاوي رحمه الله : " وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص ، وصدق النية " (4) .

وقيل : السبب في التفاضل أن تلك النفقة أثمرت في فتح الإسلام ، وإعلاء كلمة الله ما لا يثمر غيرها .

وكذلك الجهاد بالنفوس لا يصل المتأخرون فيه إلى فضل المتقدمين ؛ لقلة عدد المتقدمين ، وقلة أنصارهم ، فكان جهادهم أفضل (5) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل : " { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى } [ النمل : 59 ] قال : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم " (6) .

وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ؛ فاصطفاه لنفسه ؛ فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه " (7) .

وبالجملة فالآيات ، والأحاديث ، والآثار الواردة في الثناء عليهم ، وتعداد فضائلهم لا تكاد تحصر (8) .


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الاعتقاد الحق في الصحابة الكرام رضي الله عنهم : يتلخص في حبهم ، والترضي عنهم ، واعتقاد عدالتهم ، والاعتراف بسابقتهم ، والحرص على نشر فضائلهم ، والكف عما شجر بينهم ، والتبرؤ من طريقة الذين يبغضونهم ويسبونهم (9) .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أهل السنة والجماعة وسط في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مَن يسبون الصحابة رضي الله عنهم ويلعنونهم ، وربما كفروهم ، أو كفروا بعضهم ، والغالبية منهم – مع سبهم لكثير من الصحابة والخلفاء – يغلون في علي وأولاده رضي الله عنهم ويعتقدون فيهم الإلهية .
وبين الخوارج الذين كفروا علياً ومعاوية ، ومَن معهم من الصحابة ، وقاتلوهم ، واستحلوا دماءهم وأموالهم .

وأما أهل السنة والجماعة فكانوا وسطاً بين غلو هؤلاء ، وجفاء هؤلاء ، فهداهم الله إلى الاعتراف بفضل الصحابة ، وأنهم أكمل الأمة إيماناً وإسلاماً وعلماً وحكمة ، ولكنهم لم يغلوا فيهم ، ولم يعتقدوا عصمتهم ، بل أحبوهم لحسن صحبتهم ، وعظم سابقتهم ، وحسن بلائهم في نصرة الإسلام ، وجهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (10) .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

هذه المسألة فيها تفصيل ، وذلك كما يلي :

1- مَن زعم أنهم ارتدوا إلا قليلاً منهم – فهو كافر بلا ريب ؛ لأنه مكذب لكلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بالرضا عنهم ، والثناء عليهم ، وتزكيتهم – كما سيأتي بيانه – إن شاء الله - .

2- مَن زعم فسق عامتهم فلا ريب في كفره أيضاً .

3- مَن سبهم سبا يقدح في عدالتهم ودينهم فيُحكم بكفره .

4- مَن سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم – مثل وصف بعضهم بالبخل ، أو الجبن ، أو قلة العلم ، أو عدم الزهد – فهذا يستحق التعزير والتأديب ، ولا يُحكم بكفره بمجرد ذلك (11) .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يلزم من سب الصحابة ، أو تكفيرهم لوازم باطلة منها :

1- الشك في القرآن ، والحديث ، ودين الإسلام ؛ لأن الطعن في الناقل طعن في المنقول ؛ فالصحابة رضي الله عنهم هم الذين نقلوا ذلك إلينا .

2- أن ذلك يقتضي أن هذه الأمة شر أمة أُخرجت للناس ، وخيرُ هذه الأمة هم أولها ؛ فإن كانوا كفاراً أو فساقاً فإن هذه الأمر شر الأمم .

3- يلزم من ذلك أيضاً أحد أمرين : أولهما نسبة الجهل إلى الله – تعالى - . ثانيها : العبث بالنصوص التي فيها ثناء على الصحابة .

4- الشك في تربية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه ؛ فإذا كان عجز هو عن تربيتهم وهو المؤيد بالوحي والكمالات ونحو ذلك ، فإن هذا يقود إلى اليأس من إصلاح الناس ، والشك في تربية الإسلام لأتباعه (12) .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

(1) الإصابة لابن حجر 1/10 .

(2) الإصابة 1/12 .

(3) منهاج السنة ، لابن تيمية : 6/364 .

(4) فتح البخاري ، لابن حجر : 7/34 .

(5) انظر تحفة الأحوذي : 8/338 .

(6) رواه الطبراني : 20 / 2 .

(7) رواه أحمد : 1/379 .

(8) انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ، للالكائي : 8/1237 – 1452 . وهداية الحيارى ، لابن القيم ص 234 – 248 . وشرح العقيدة الطحاوية ، لابن أبي العز الحنفي ص 467 – 485 .

(9) انظر منهاج السنة : 5/261 – 262 ، و 2/67 ، 6/364 .

(10) انظر شرح الواسطية ، للهراس : ص 192 – 193 .

(11) انظر اعتقاد أهل السنة في الصحابة ، د. محمد الوهيبي : ص 37 – 54 .

(12) انظر الصارم المسلول على شاتم الرسول ، لابن تيمية : ص 586 – 587 . واعتقاد أهل السنة في الصحابة ، ص 66 – 75 .












نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الصحابة – كما مر في المحطة الأولى – هم أفضل الناس بعد الأنبياء ، وأفضل الصحابة المهاجرون ؛ لجمعهم بين الهجرة والنصرة ، ثم الأنصار ، وأفضل المهاجرين الخلفاء الأربعة الراشدون : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان , وعلي رضي الله عنهم .
وإليك نبذة يسيرة عنهم :


1- أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) : عبد الله بن عثمان بن عامر من بني تيم بن مرة ابن كعب ، أول مَن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال ، وصاحبه في الهجرة ، ونائبه في الصلاة والحج ، وخليفته في أمته ، أسلم على يديه خمسة من المبشرين بالجنة : عثمان ، والزبير ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنهم أجمعين - .
توفي في جمادى الآخرة سنة 13هـ عن 63 سنة .
وهؤلاء الخمسة مع أبي بكر وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة هم الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام .
قاله ابن إسحاق ، يعني من الذكور بعد الرسالة .


2- عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) : هو أبو حفص الفاروق عمر بن الخطاب من بني عدي ابن كعب بن لؤي ، أسلم في السنة السادسة من البعثة بعد نحو أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة ، ففرح المسلمون به وظهر الإسلام بمكة بعده .
استخلفه أبو بكر على الأمة ، فقام بأعباء الخلافة خير قيام إلى أن قتل شهيداً في ذي الحجة سنة 23هـ عن 63 سنة .


3- عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) : هو أبو عبد الله ذو النورين عثمان بن عفان من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف .
أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم كان غنياً سخياً تولى الخلافة بعد عمر بن الخطاب باتفاق أهل الشورى إلى أن قُتل شهيداً في ذي الحجة سنة 35هـ عن 90 سنة على أحد الأقوال .


4- علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) : وهو أبو الحسن علي بن أبي طالب ، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب ، أول مَن أسلم من الغلمان ، أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يوم خيبر ؛ ففتح الله على يديه ، وبويع بالخلافة بعد قتل عثمان رضي الله عنهم فكان هو الخليفة شرعاً إلى أن قُتل شهيداً في رمضان سنة 40هـ عن 63 سنة (1) .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



قبل الدخول في تفاصيل المفاضلة بين الخلفاء الراشدين يحسن الإجابة لمَن قد يعترض على ذلك ، فيقول : الأولى أن نحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً ، ولا نفاضل بينهم .
يقال لهذا : إن السنة هي المفاضلة بينهم على ما جاءت به الأحاديث الصحيحة ، ودرج عليه السلف من تفضيل أبي بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين .


وقد سئل الإمام أحمد عن رجل يحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يفضل بعضهم على بعض ، وهو يحبهم قال : " السنة أن يفضل أبا بكر ، وعمر ، وعثمان وعلياً من الخلفاء " (2) .
وإنما الذي ذمه السلف هو التعرض لما شجر بين الصحابة من قتال وفتن بعد مقتل عثمان – رضي الله عنه - ، ثم النزاع الذي حصل بين علي ومعاوية رضي الله عنهما .


وبناءً على ما مضى فإن أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فهذا متفق عليه بين أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة في العلم والدين من الصحابة ، والتابعين وتابعيهم .


وهو مذهب مالك ، وأهل المدينة ، والليث بن سعد ، وأهل مصر ، والأوزاعي ، وأهل الشام ، وسفيان الثوري ، وأبي حنيفة ، وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، وأمثالهم من أهل العراق ، وهو مذهب الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد وغير هؤلاء من الأئمة .
وحكى مالك إجماع أهل المدينة على ذلك فقال : ما أدركت أحداً ممَن يُقتدى به يشك في تقدم أبي بكر وعمر " (3) .


وقال رحمه الله : " ويقرون – أي أهل السنة – بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، ثم عمر ، ويثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي رضي الله عنهم كما دلت عليه الآثار ، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة " (4) .


والأدلة على ما ذهب إليه الأئمة المذكورون في مسألة التفضيل كثيرة منها ما رواه البخاري عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كنا نُخّيِِّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخيِّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان ابن عفان رضي الله عنهم " (5) .
وفي رواية : " كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نفاضل بينهم " (6) .


وكلا الحديثين نص في المسألة .


وقد روي آثار مستفيضة عن علي رضي الله عنه نفسه ؛ ففي صحيح البخاري عن محمد بن الحنفية أنه قال : " قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبو بكر ، قلت ثم مَن ؟ قال : عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين " (7) .


قال شيخ المسلمين ابن تيمية رحمه الله : " وقد روي هذا عن علي بن أبي طالب من نحو ثمانين وجهاً ، وأنه كان يقوله على منبر الكوفة ، بل كان يقول : لا أُوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري ؛ فمَن فضَّله على أبي بكر وعمر جُلد بمقتضى قوله رضي الله عنه ثمانين سوطاً " (8) .


وجاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إني لواقف في قوم ؛ فدعوا الله لعمر بن الخطاب ، وقد وضع على سريره ، إذا رجل من خلفي قد وضع مِرْفقه على منكبي يقول : رحمك الله ، إن كنتُ لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك ؛ لأني كثيراً ما كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كنت وأبو بكر وعمر ، وفعلت وأبو بكر وعمر ، وانطلقت وأبو بكر وعمر " .
فإن كنتُ لأرجو أن يجعلك الله معهما ؛ فالتفتُّ فإذا هو علي بن أبي طالب " (9) .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



أحق الخلفاء الأربعة بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنهم ؛ لأنه أفضلهم وأسبقهم إلى الإسلام ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قدمه في الصلاة ، ولأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على تقديمه ومبايعته ، ولا يجمعهم الله على ضلالة ، ثم عمر رضي الله عنه لأنه أفضل الصحابة بعد أبي بكر ، ولأن أبا بكر عهد بالخلافة إليه ، ثم عثمان رضي الله عنه لفضله ، وتقديم أهل الشورى له ، وهم المذكورون في هذا البيت :



علي وعثمان وسعد وطلحة ...... زبير وذو عوف رجال المشورة

ثم علي رضي الله عنه لفضله ، وإجماع أهل عصره عليه .


وهؤلاء الأربعة هم الخلفاء الراشدون المهديون الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عَضُّوا عليها بالنواجذ " (10) .


وقال عليه الصلاة والسلام : " خلافة النبوة ثلاثون سنة ، ثم يؤتي الله الملك مَن يشاء ، أو ملكه مَن يشاء " (12) .
فكان آخرها خلافة علي هكذا قال ابن قدامة رحمه الله وكأنه جعل خلافة الحسن تابعة لأبيه أو لم يعتبرها حيث إنه رضي الله عنه تنازل عنها (13) .


فخلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتان وثلاثة أشهر وتسع ليال من 13 ربيع الأول سنة 11هـ إلى 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ .
وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنوات وستة أشهر وثلاثة أيام من 23 جمادى الآخرة سنة 13هـ إلى 26 ذي الحجة سنة 23هـ .
وخلافة عثمان رضي الله عنه اثنتا عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً من 1 محرم سنة 24هـ إلى 18 ذي الحجة سنة 35هـ .
وخلافة علي رضي الله عنه أربع سنوات وتسعة أشهر من 19 ذي الحجة سنة 35هـ إلى 19 رمضان سنة 40هـ .


فمجموع خلافة هؤلاء الأربعة تسع وعشرون سنة وستة أشهر وأربعة أيام (14) .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

(1) انظر لمعة الاعتقاد ، لابن قدامة ، شرح الشيخ محمد بن عثيمين : ص 141 .


(2) المسند من مسائل الإمام أحمد ، للخلال ، مخطوط ورقة 54 . وانظر الإمامة العظمى ، للدميجي ، ص 327 – 328 .


(3) مجموع الفتاوى : 4/421 .


(4) العقيدة الواسطية : ص 171 .


(5) البخاري (3655) .


(6) البخاري (3698) .


(7) البخاري (3671) .


(8) مجموع الفتاوى 4/422 .


(9) البخاري (3677) ، ومسلم (2389) .


(10) رواه أحمد 4/126 – 127 ، وأبو داود (4607) ، والترمذي (2676) وقال : " حسن صحيح " ، والحاكم 1/97 وصححه ، ووافقه الذهبي .


(11) أخرجه أبو داود (4646) ، وقال الألباني في صحيح سنن أبي دواد (3882) : " حسن صحيح " .


(13) انظر لمعة الاعتقاد ، لابن قدامة ، شرح الشيخ محمد بن عثيمين ، ص 142 – 143 .


(14) انظر لمعة الاعتقاد ، لابن قدامة ، شرح الشيخ محمد بن عثيمين ، ص 142 – 143 .






نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أجمع السلف – كما مر – على أن أفضل الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما .

أما علي وعثمان فقد اختلفوا في أيهما أفضل ، وهذه مسألة لا يضلل فيها المخالف .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وقد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر أيهما أفضل ؛ فقدّم قوم عثمان ، وسكتوا ، وربَّعوا بعلي ، وقدّم قوم علياً ، وقوم توقفوا ، لكن استقر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي " (1) .

هذا حاصل الخلاف في المسألة : تقديم عثمان ، تقديم علي ، التوقف في تقديم أحدهما على الآخر .

وأشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى ترجيح الرأي الأول وهو تقديم عثمان لأمور :

أحدها : أن هذا هو الذي دلت عليه الآثار الواردة في مناقب عثمان رضي الله عنه .
الثاني : إجماع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة ، وما ذاك إلا لأنه أفضل ؛ فترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة .
الثالث : أنه استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي – كما سبق – من أنهم قدموه في البيعة ، وكان علي من جملة مَن بايعه ، وكان يقيم الحدود بين يديه (2) .


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بعد أن تبين رجحان القول بتقديم عثمان ثم علي ، واستقرار أمر أهل السنة على ذلك لسائل أن يسأل فيقول : هل يُضلل مَن يُقدم علياً على عثمان ؟

والجواب لا ؛ فهذه مسألة لا يُضلل مَن يخالف فيها ؛ نظراً لاختلاف أهل السنة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر الخلاف في هذه المسألة واستقرار أمر أهل السنة على تفضيل عثمان ثم عليه رضي الله عنهما قال : " وإن كانت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي – ليست من الأصول التي يُضّلَّلُ المخالف فيها عند جمهور أهل السنة " (3) .


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

هذه المسألة مما يُضلَّل بها المخالف ؛ إذ لا يجوز تقديم علي رضي الله عنه على غيره من الخلفاء الثلاثة في الخلافة ، أو ادعاء أنه أولى منهم فيها .

روي عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال : " مَن زعم أن علياً كان أحق بالولاية منهما – يعني أبا بكر وعمر – فقد خطَّأ أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار رضي الله عن جميعهم وما أراهم يرتفع له مع هذا اعمل إلى السماء " (4) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر مسألة تفضيل عثمان على عليه رضي الله عنهما وأنها ليست من الأصول الت يُضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة قال : " لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة ، وذلك لأنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي .
ومَن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله " (5) .

وخلاصة القول في مسألة تقديم علي على غيره من الخلفاء الثلاثة ما يلي :

1- مَن قدمه في الخلافة على أيٍّ من الثلاثة فهو ضال .
2- مَن قدمه في الفضيلة على أبي بكر وعمر فهو ضال أيضاً .
3- مَن قدمه في الفضيلة على عثمان فلا يُضلل ، وإن كان خلاف الراجح (6) .


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

المُعَيَّنون من أهل الجنة كثيرون ، ومنهم العشرة المبشرون بالجنة .

وخصوا بهذا الوصف لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمعهم في حديث واحد فقال : " أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة " [ رواه أبو داود (4649) و (4650) ، والترمذي (3748) و (3757) ، وابن ماجه (134) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4010) ] .

وقد سبق الكلام على الخلفاء الأربعة ، وأما الباقون فجُمعوا في هذا البيت :

سعيدٌ وسعدٌ وابنُ عوفٍ وطلحةٌ ..... وعامرُ فهرٍ والزبيرُ المُمَدَّحُ



فطلحة : هو ابن عبيد الله من بني تيم بن مرة أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام ، قُتل يوم الجمل في جمادى الآخرة سنة 36هـ عن 64 سنة .
والزبير : هو ابن العوام من بني قصي بن كلاب ابن صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انصرف يوم الجمل عن قتال علي ، فلقيه ابن جرموز فقتله في جمادى الأولى سنة 36هـ عن 67 سنة .
وعبد الرحمن بن عوف : من بني زهرة بن كلاب توفي سنة 32هـ عن 72 سنة ، ودفن بالبقيع .
وسعد بن أبي وقاص : هو ابن مالك من بني عبد مناف ابن زهرة ، أول مَن رمى بسهم في سبيل الله ، مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة ، ودفن بالبقيع سنة 55هـ عن 82 سنة .
وسعيد بن زيد : هو ابن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي ابن عم عمر بن الخطاب ، كان من السابقين إلى الإسلام ، توفي بالعقيق ، ودفن بالمدينة المنورة سنة 51هـ عن بضع وسبعين سنة .
أبو عبيدة : هو عامر بن عبد الله بن الجراح من بني فهر ، من السابقين إلى الإسلام ، توفي في الأردن في طاعون عَمواس سنة 18هـ عن 58 سنة (7) .

وممَن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة : الحسن ، والحسين ، وثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنهم .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " [ رواه الترمذي (3768) ، وقال : " حديث حسن صحيح " ، وصححه الألباني في الصحيحة (796) ] .

وقال صلى الله عليه وسلم في ثابت بن قيس : " إنك لست من أهل النار ، ولكنك من أهل الجنة " [ رواه البخاري (3613) ، ومسلم (119) و (187) ] .


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

(1) الواسطية : ص 173 .

(2) انظر شرح الواسطية ، للشيخ صالح الفوزان : ص 175 – 176 .

(3) الواسطية : ص 177 .

(4) رواه أبو داود (4630) .

(5) الواسطية : ص 177 .

(6) انظر شرح الواسطية ، للشيخ صالح الفوزان ، ص 178 .

(7) انظر شرح لمعة الاعتقاد : ص 145 – 146 .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق